قصة نجاح Debbi Fields 



 

وردت هذه القصة ضمن كتابي الباقة الثانية من 25 قصة نجاح.

جاء مولدها في 18 سبتمبر من عام 1956 في مدينة أوكلاند بولاية كاليفورنيا الأمريكية، الأخت الصغيرة لخمس أخوات، وكان والدها عامل لحام، وأمها ربة منزل، ولم تظهر عليها في صغرها أي علامة من علامات النبوغ أو العبقرية، لكنها كما تقول على نفسها، تعلمت أن تجتهد لتكون في مستوى أي شخص تقابله. في صغرها أهداها والدها نصيحة ظلت تذكرها وتعمل بها، قال لها: مهما كان ما ستفعلينه في حياتك، ابحثي عن شيء تحبيه بقوة وبشغف.

أحبت ديبي فيلدز Debbi Fields في صغرها صنع حلوى الشوكولاتة، وحين بلغت 13 ربيعا، حصلت على أول وظيفة لها، جمع كرات البيسبول المتناثرة أثناء المباريات، مقابل خمسة دولار في الأسبوع. وقتها استعملت هذا الأجر في شراء مكونات حقيقية لتخبز بها حلوى الشوكولاتة التي اعتادت صنعها، كانت هذه الحلوى تضع الابتسامة على وجه من يتذوقها. وعمرها 16 ربيعا، استطاعت التوفير بما يكفي لشراء سيارة فولكس فاجن خنفساء مستعملة. وعمرها 19 ربيعا، وبعد عامين مرا على بدء دراستها الجامعية، قررت أن تتزوج راندي فيلدز، خريج جامعة ستانفورد العريقة، وقررت البقاء في المنزل وعدم إكمال تعليمها. كان أصدقاء زوجها يحضرون إلى منزلها ويسألونها عن وظيفتها، فكان الضيق يصيبها لأنها لم تكن تعمل في أي مهنة أو وظيفة، وكانت تبحث عن شيء يغير من أمرها ويذهب ضيقها هذا. بعد عامين على زواجها، قررت بعد تفكير عميق أن تمتهن صنع الحلوى، تلك الهواية التي تتقنها وتحبها، بل إنها كانت الشيء الوحيد الذي تعرف كيف تصنعه بإتقان في حياتها، وتعتبرها امتدادا لها.

بعدما اتخذت قرارها وعقدت عزمها، فاتحت أسرتها في نيتها، فما كان من زوجها إلا وعبر عن رأيه بأن هذه الفكرة غبية، بينما سارع والدها و والدتها لتذكيرها بأنها لم تكمل دراستها الجامعية، وليس لديها أي خلفية تجارية، سواء في مجال الدراسة أو العمل، كما أنها لم تملك مالا يساعدها على إطلاق مشروع مثل هذا. رغم صحة كل هذه الصفات، لكن ديبي كانت قد وصلت إلى قرار ولن تتراجع عنه، فماذا ستخسر إن هي فشلت في مسعاها، فالكل حكم عليها بأنها فاشلة قبل أن تفعل أي شيء.

بعدما كتبت خطة عمل صغيرة، وانتهت من خبز حلواها، أخذتهما وبدأت تطوف على البنوك والمصارف باحثة عمن يقرضها المال لتبدأ مشروعها، وبعدما يثني موظفو البنك على جودة حلواها، كانوا يخبرونها بعدم اهتمامهم بمشروعها هذا وأنهم لن يقرضوها المال. استمر حالها على هذا المنوال، حتى فاجأها يوما موظف بنك وقبل إقراضها المال الذي طلبته! (هذه القصة لا نهدف منها لتبرير الاقتراض الربوي من البنوك، ويكفيك أن تعرف أن قرضها هذا كان بفائدة ربوية قدرها 21%).

في مدينة بالو ألتو بولاية كاليفورنيا، وفي 16 أغسطس من عام 77، كانت ديبي على موعد مع افتتاحها لأول محل بيع الحلوى التي تخبزها. كانت البداية صعبة جدا، حتى أن زوجها راهن على أنها لن تستطيع بيع ما قيمته 50 دولار في أول يوم لها، ولذا جعلت هدفها في هذا اليوم بيع أكثر من 50 دولار، ولما لم يشتر منها أي عميل حتى الظهيرة، خرجت ديبي تعرض على المارة في الطرقات عينات مجانية من الحلوى (كما صعدت إلى الحافلات / الباصات لتعرض حلواها)، حتى بدأت العجلة تدور بعد فترة وبدأ الزبائن يعرفون طريق المتجر. في هذا اليوم الأول لها، حققت ديبي مبيعات قدرها 75 دولار، عادت بها إلى زوجها لتخبره كم كان مخطئا.
في البداية كان اسم المتجر السيدة فيلدز لشرائح الشوكولاتة، لكنها غيرت الاسم بعد فترة ليكون حلوى السيدة فيلدز أو Mrs. Fields Cookies لكي تتوسع في صنع الحلوى ولا تكون قاصرة على الشوكولاتة فقط. حين كانت ديبي تنتقي العاملين معها، كانت تختار أولئك الذين يدون حماسة وشغفا وحبا للعمل معها، حبا يكافئ حبها هي لعملها، وكانت تبدأ معهم بأن تجعلهم يتذوقون حلوى متجرها، ثم تختبر رد فعلهم على طعم الحلوى، فمن تخرج كلمات الإعجاب من قلبه / قلبها، كان الشخص المناسب للعمل معها، بينما تلك الفتاة التي رفضت تذوق الحلوى لم تحصل على الوظيفة.

بعدها كانت ديبي ترسل هؤلاء المتقدمين للعمل معهم إلى الشارع، حاملين أصنافا من حلواها، وتخبرهم أنه لو دخل محلها عميل وذكر اسم المتقدم للعمل، لحصل على الوظيفة بعد أن يغني لها أغنية عيد ميلاد سعيد في وسط المتجر، ولو ضحك العملاء والعاملون طربا لغنائه، كان المتقدم يحصل على الوظيفة فورا، فالهدف كان توظيف من يحبون عملهم، ويدخلون البسمة على العاملين والعملاء معا. عمدت ديبي إلى التوسع وافتتاح المزيد من المحلات والمتاجر، وكانت كثيرا ما تفاجئ فروع محلاتها بزيارات غير متوقعة، لترى بعينها سير العمل ومعاملة العملاء.

ذات مرة وجدت ديبي طابورا من العملاء ينتظر دوره للحصول على الحلوى، لكنها لاحظت فورا أن الحلوى المخبوزة في هذا الفرع كانت مطهية بزيادة فوق المعتاد، فما كان منها إلا أن أمرت بإعادة هذه الحلوى والتخلص منها، وخبز مجموعة جديدة، ثم أخذت تتحدث مع كل عملاء الفرع وأخبرتهم بما حدث، وكيف أنها ستعطيهم الحلوى التالية دون مقابل، بل وستعطيهم كذلك الحلوى التي سيطلبونها في المرة القادمة التي يزورون متجرها دون مقابل. بعدها جعلت ديبي زمنا محددا لحلواها: ساعتان بعد خروجها من الفرن، فإن لم تبع خلال هاتين الساعتين، ذهبت الحلوى إلى الأيتام.

بنهاية عام 1984، كان لدى ديبي أكثر من 160 فرعا في أمريكا وحدها، بالإضافة إلى 4 فروع عالمية خارجها، مجتمعة تدر عليها عوائد سنوية قدرها 45 مليون دولار. في عام 1990، بدأت ديبي تبيع حقوق الفرنشايز، وفي عام 1993 باعت مشروعها الذي بدأته كله لشركة استثمارية، لكي تتفرغ هي لتربية بناتها الخمسة، على أن تبقى المستشارة والمتحدثة الرسمية باسم الشركة. بعد البيع بدأت ديبي في تأليف كتاب اشتمل على 100 وصفة من مطبخها هي، باع أكثر من 1.8 مليون نسخة، وأما كتابها الثاني فعنونته: ’أنا أحب الشوكولاتة‘، ونشرته في عام 1994 وحقق مبيعات قدرها نصف مليون نسخة، وقدمت كذلك برنامج تليفزيوني يذاع على شبكات التلفزة المحلية الأمريكية. كذلك اختارها معهد هارفارد للأعمال لتكون نموذجا يدرسه طلاب المعهد في مجال التجارة والأعمال. اليوم، تملك الشركة التي أنشأتها أكثر من 2300 فرع تمتد عبر عشر دول.

الطريف أن ديبي اسمها الأصلي ’ديبرا جين‘ وأما اسمها هذا فبدأت تحمله بعد زواجها الأول، الذي أنهته بالطلاق في عام 97 وتزوجت في العام التالي مايكل روس، الرئيس التنفيذي السابق لفنادق هوليداي ان، وانتقلت لتعيش في مدينة ممفيس. لا، لم تتوقف هذه الحالمة عن تحقيق أحلامها، إذ تشارك في مجالس إدارة عدة شركات، وتدير حاضنة أعمال تتولى تمويل وتكبير شركات ناشئة، ولها نشاطات كثيرة في جانب الأعمال الخيرية.
مصدر المقال:http://www.shabayek.com